

في موسمه الأول مع النادي الملكي، كتب كيليان مبابي فصلًا جديدًا في سجلات التميز الفردي بتتويجه بجائزتي الحذاء الذهبي الأوروبي والبيتشيتشي الإسباني، ليُثبت مرة أخرى أنه أحد أبرز نجوم الكرة العالمية. رغم غياب الألقاب الجماعية عن ريال مدريد هذا الموسم، استطاع النجم الفرنسي نحت اسمه بحروف من ذهب عبر أرقام قياسية وحضور لافت في المباريات الحاسمة، مما يطرح تساؤلات عن مدى قدرته على قيادة الفريق نحو البطولات في المواسم المقبلة.
تفاصيل الإنجاز: الأرقام التي حسمت السباق
حقَّق مبابي إنجازًا استثنائيًّا بتسجيله 31 هدفًا في الدوري الإسباني خلال 38 مباراة، منها 7 أهداف في المباريات الأربع الأخيرة أمام فرق مثل برشلونة وريال سوسيداد. وبفضل نظام النقاط الخاص بجائزة الحذاء الذهبي (التي تمنح هدفين لكل هدف في الدوريات الكبرى)، جمع مبابي 62 نقطة، متفوقًا على منافسيه: فيكتور جيوكيريس (39 هدفًا/58.5 نقطة) بسبب تصنيف الدوري البرتغالي، ومحمد صلاح (29 هدفًا/58 نقطة) في الدوري الإنجليزي. أما جائزة البيتشيتشي، فكانت أول لقب هداف للدوري الإسباني في مسيرته، بفارق 4 أهداف عن البولندي روبرت ليفاندوفسكي.
المنافسة الملتهبة: صلاح وجيوكيريس في المرآة
شهد السباق نحو الجائزتين منافسة شرسة، خاصة من محمد صلاح الذي احتاج إلى تسجيل 4 أهداف في المباراة الأخيرة لليفربول ضد كريستال بالاس لتعويض فارق النقاط، لكنه سجل هدفًا واحدًا فقط، ليحتل المركز الثالث. أما فيكتور جيوكيريس، رغم تسجيله 39 هدفًا مع سبورتينغ لشبونة، فإن نظام النقاط خفض فرصه بسبب تصنيف الدوري البرتغالي كـ”دوري من الفئة الثانية” وفق معايير الاتحاد الأوروبي، مما يطرح جدلًا حول عدالة القواعد الحاكمة للجوائز الفردية.

الأداء الأخير: كيف حسم مبابي المعركة؟
حسم مبابي السباق بشكل دراماتيكي عبر أدائه المبهر في الأسابيع الأخيرة من الموسم، حيث سجل ثنائية ضد ريال سوسيداد في الجولة 37، ليرفع رصيده إلى 31 هدفًا ويُغلق الباب أمام أي منافسة. كما برز تأثيره في المباريات الكبيرة، مثل تسجيله 3 أهداف في مباراتَي الكلاسيكو ضد برشلونة، مما يؤكد قدرته على الظهور كـ”صانع فرق” عندما يحتاج فريقه إليه.

السياق التاريخي: مبابي يواصل صناعة الأساطير
يُصبح مبابي أول لاعب في تاريخ كرة القدم يجمع بين الحذاء الذهبي الأوروبي وهداف دوري الأبطال وهداف كأس العالم (التي فاز بها مع فرنسا في 2022). كما يعيد النجم الفرنسي ذكرى أيام كريستيانو رونالدو مع ريال مدريد، حيث كان البرتغالي آخر لاعب من النادي الملكي يفوز بالحذاء الذهبي قبل 10 سنوات (2015). هذا الإنجاز يضع مبابي على طريق المنافسة على لقب أفضل لاعب في العالم، خاصة مع غياب منافسيه التقليديين (ميسي ورونالدو) عن المنصات الأوروبية.
التحديات المقبلة: البطولات الجماعية غاية مبابي الجديدة
رغم التتويج الفردي، يبقى التحدي الأكبر لمبابي هو قيادة ريال مدريد نحو الألقاب الجماعية، خاصة بعد خسارة الفريق لدوري الأبطال أمام بايرن ميونخ، وكأس الملك أمام أتلتيكو مدريد. مع تعيين تشابي ألونسو مدربًا جديدًا للفريق، تتجه الأنظار نحو الموسم المقبل، حيث سيكون التركيز على منافسات دوري الأبطال والليغا، مع توقعات بأن يُشكِّل الثنائي مبابي-جود بيلينغهام (الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا) سندريلا هجومية تُعيد أمجاد النادي.

خاتمة
تتويج كيليان مبابي بجائزتي الحذاء الذهبي والبيتشيتشي ليس مجرد حدث عابر، بل هو تأكيد على أن النجم الفرنسي يسير على خطى العظماء. بينما تُضاء الأضواء حول إمكانية تحويل هذا التميز الفردي إلى نجاح جماعي، يبدو أن رحلة مبابي مع ريال مدريد قد بدأت للتو، والجميع يترقب: هل سيُكمل مسيرته كـ”أسطورة فردية”، أم سينجح في كتابة فصل جديد من المجد الجماعي للنادي الملكي؟